بحث كامل في الجرح والتعديل بالمراجع والهوامش


المقدمة
لما كان الحديث النبوي الشريف المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، والمنهل البياني له في تفصيل الأحكام المجملة التي وردت فيه، وتقييد المطلق وتخصيص العام، وتأسيس الأحكام التي لم ينص عليها القرآن، فقد عُني المسلمون بحفظه وفهمه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، واستمر هذا الاهتمام عبر الأجيال المتتالية.
ولما كان من الأمور المعلومة بداهة أنه لا سبيل إلى معرفة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث وأخبار إلا عن طريق الرواة والنقلة، الذين نقلوا أخباره جيلاً بعد جيل وطبقة بعد طبقة، حتى دونت السنة في الكتب المعتمدة المعروفة، فقد كان الاطلاع على أحوال هؤلاء الرواة والنقلة، وتتبع مسالكهم، وإدراك مقاصدهم وأغراضهم، ومعرفة مراتبهم وطبقاتهم، وتمييز ثِقاتهم من ضعافهم، هو الوسيلة الأهم لمعرفة صحيح الأخبار من سقيمها.
وقد نتج عن هذا نشوء علم عظيم وضعت له القواعد، وأسست له الأسس والضوابط،  فكان مقياسًا دقيقًا ضبطت به أحوال الرواة، من حيث التوثيق والتضعيف، والأخذ والرد، وذلك هو "علم الجرح والتعديل"، أو علم الرجال، أو علم ميزان أو معيار الرواة، والذي لا نظير له عند أمة أخرى من أمم الأرض.
وقد عُدَّ هذا العلم نصف علم الحديث؛ وكيف لا وهو ميزان رجال الحديث ومعيار الحكم عليهم، وهو الحارس للسنة من كل زيف ودخيل !
والذي يطالع كتب الرجال والتراجم والجرح والتعديل، يقف مبهورًا أمام هذا العلم الذي لا يمكن أن يكون وضعه جاء صدفة أو تشهيًا، بل بُذِلت فيه جهود، وقُطِعت فيه فيافي وقفار، وفنيت فيه أزمان وأعمار، حتى بلغ قمة الحسن ومنتهى الجودة.


المقصود بالجرح والتعديل
وبداية؛ فإن "الجرح" في اللغة يعني: التأثير في البدن بقطع بسلاح ونحوه، وقد استعير في المعنويات بمعنى التأثير في الخُلُق والدين بوصفٍ يناقضهما. وعلى هذا فهو في الاصطلاح يعني: وصف الراوي أو الطعن فيه بما يقتضي رد روايته.
أما "التعديل" فيعني في اللغة: التقويم والتسوية، واستعير أيضًا في المعنويات بمعنى الثناء على الشخص بما يدل على دينه القويم وخلقه السوي. وهو في الاصطلاح يعني: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته.
وعلى هذا فعلم الجرح والتعديل النظري هو: القواعد التي تنبني عليها معرفة الرواة الذين تقبل رواياتهم أو ترد، ومراتبهم في ذلك. أما التطبيقي فهو: إنزال كل راوٍ منزلته التي يستحقها من القبول وعدمه[1]
نشأة علم الجرح والتعديل
والكلام في الرجال جرحًا وتعديلاً ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وجُوِّز ذلك تورعًا وصونًا للشريعة من أن يدخل فيها ما ليس منها، ونصيحة لله ورسوله والمسلمين، وليس هو طعنًا في الناس، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة، والتثبت في أمر الدين أولى من التثبت في الحقوق والأموال[2]
والحقيقة أن التجريح والتعديل لم يكن متاحًا لأي أحد؛ وذلك أن الأمر يتطلب من الأهلية والتمكن ما لا يمكن أن يصل إليه إلا القلة من جهابذة النقاد والمحدثين، الذين لديهم اطلاع واسع على الأخبار والمرويات وطرقها، ومعرفة تامة بأحوال الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، والأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والموقعة في الوهم والخطأ، مع معرفة بأحوال الراوي وتاريخ ولادته، وبلده، وديانته وأمانته وحفظه وسلوكه، وشيوخه وتلاميذه، ومقارنة مروياته بمرويات غيره، إلى غير ذلك.
وهي منزلة لا يصل إليها كل أحد، وليس أدلَّ على ذلك من أن رواة الأخبار كثيرون يعدون بالألوف، وأما النقاد الحاذقون فإنهم قليل لا يتجاوزن أصابع اليد في كل طبقة، وهؤلاء الأئمة الذين بلغوا هذه المرتبة لم يبلغوها إلا بعد استيفائهم للشروط التي تؤهلهم للتصدي لهذا الأمر.
وقد قام الأئمة بهذا الواجب حسبة لله، وصيانة لدينه، وحفاظًا على سنة نبيه، قال أبو بكر ابن خلاّد ليحي بن سعيد: "أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله؟ فقال: لأن يكونوا خصمائي أحب إلى من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لِمَ لَمْ تذُبَّ الكذب عن حديثي[3]؟"
فلم يكن الحامل لهم على ذلك أهواء أو حظوظ النفس أو غيره، ولذلك لم تراهم يجاملوا أحدًا حتى ولو أقرب الأقربين، فوجدنا منهم من يضعف والده، وقد سُئِل علي بن المديني عن أبيه؛ فقال: اسألوا غيري، فقالوا: سألناك، فأطرق ثم رفع رأسه وقال: "هذا هو الدين، أبي ضعيف[4]" وكان منهم من يُضعِّف ولده وأخاه، قال أبو داود صاحب السنن: "ابني عبد الله كذاب"، وقال زيد بن أبي أنيسة: "لا تأخذوا عن أخي يحيى[5]"
صفات وشروط الجارح والمعدِّل
وعلى هذا فإنه لابد من توافر شروط معينة في الجارح والمعدِّل، والتي من شأنها أن تجعل حكمه منصفًا كاشفًا عن حال الراوي.




ويمكن إجمال هذه الصفات أو تلك الشروط فيما يلي:
1- أن يتصف بالعلم والتقوى والورع والصدق؛ لأنه إن لم يكن بهذه الأخلاق فهو محتاج إلى من يعدله، فكيف يكون حاكمًا على غيره بالجرح والتعديل والحالة كما ذكر[6]
2- أن يكون عالمًا بأسباب الجرح والتعديل؛ لأنه إن لم يكن بهذه الصفة ربما جرح الراوي بما لا يقتضي جرحه، أو بأمر فيه خلاف قوي، وربما عدَّل الرجل استدلالاً ببعض مظاهره دون خلطة ومعرفة وسير لأحواله[7]
3- أن يكون عالمًا بتصاريف كلام العرب لا يضع اللفظ لغير معناه، ولا يجرح بنقله لفظًا هو غير جارح[8]
طرق إثبات الجرح والتعديل
وهذا الجرح والتعديل في الرواة يثبت بواحد من طرق ثلاثة:
الأول: الاستفاضة والشهرة؛ فمن اشتهر بين أهل الحديث بعدالته، وشاع الثناء عليه، استغنى عن بينة شاهدة بعدالته، وهؤلاء مثل: الإمام مالك، وشعبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ووكيع، وأحمد بن حنبل. فمثل هؤلاء لا يُسأل عن عدالتهم؛ لأن شهرتهم بالعدالة أقوى في النفس من شهادة الواحد والاثنين بعدالتهم[9]
وقد سُئِل الإمام أحمد بن حنبل عن إسحاق بن راهويه، فقال: مثل إسحاق يُسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين [10]
وحكم الجرح فيما سبق كالتعديل.
الثاني: أن ينص اثنان من أهل العلم على عدالته أو جرحه، وهذا باتفاق الجماهير من العلماء؛ قياسًا على الشهادة، حيث يشترط في تزكية الشاهد اثنان.
الثالث: أن ينص واحد من علماء الجرح والتعديل على عدالة ذلك الراوي أو جرحه، على الصحيح المختار الذي رجحه الخطيب البغدادي وابن الصلاح وغيرهما، واستدلوا على ذلك بأن العدد لم يشترط في قبول الخبر، فإنَّ الحديث الغريب (أي الذي جاء من طريقٍ واحد) قد يكون صحيحًا، فإذا كان كذلك فلا يشترط في جرح الراوي أو تعديله أكثر من معدل أو جارح واحد [11]
وخالف بعض العلماء فقالوا: لا يثبت التعديل والجرح إلا باثنين؛ قياسًا على الجرح والتعديل في الشهادات[12].
شروط قبول الجرح والتعديل
وهناك شَرطان لقبول الجرح والتعديل:
الأول: أن يصدرا ممن استوفى شروط الجارح والمعدِّل التي سبق ذكرها؛ فإن اختلَّ بعض شروط الجارح والمعدل لم يقبل جرحه ولا تعديله، ولذلك صور منها:
1- أن يكون الجارح نفسه مجروحًا: ومثال ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في التهذيب في أحمد بن شبيب الحبطي البصري، بعد أن نقل توثيقه عن أبي حاتم، وأهل العراق، وابن حبان، قال: وقال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث غير مرضي، قلت (ابن حجر): لم يلتفت أحدٌ إلى هذا القول، بل الأزدي غير مرضي[13].
2- أن يكون الجارح من المتشددين الذين يجرحون الراوي بأدنى جرح: ومثال ذلك ما ذكره الإمام الذهبي في الميزان في محمد بن الفضل السدوسي شيخ الإمام البخاري، الملقب بعارم، بعد أن ذكر توثيق الدارقطني له، قال: قلت (الذهبي): فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان... في عارم: "اختلط في آخر عمره، وتغير حديثه حتى كان لا يدري ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعرف هذا من هذا تُرِك الكل ولا يحتج بشيء منها"، قلت (الذهبي): ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم[14]
الشرط الثاني: أن يكون الجرح مفسَّرًا، وأما التعديل فلا يشترط تفسيره، وسبب التفريق بينهما أن أسباب التعديل كثيرة يصعب حصرها؛ فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول: فعل كذا وكذا، فيذكر كل ما يجب عليه أن يفعله، ويقول: لم يكن يفعل كذا وكذا، فيعد كل ما يجب عليه أن يجتنبه وهذا أمر شاق جدًّا، وأما الجرح فإنه يثبت في الراوي ولو بخصلة واحدة مما يقتضي الجرح[15].
وهناك سبب آخر للتفريق بينهما، وهو أن الناس اختلفوا في أسباب الجرح، فربما جرح بعضهم الراوي بما ليس بجارح عند التحقيق، فكان لابد من الاستفسار عن سبب الجرح لينظر، هل هو جرح أم لا، وليس الأمر كذلك في التعديل[16].
هذا هو مذهب الجمهور، واختار الخطيب البغدادي قبول الجرح المجمل -أي الذي لم يفسر- إذا صدر من العالم بما يصير به الراوي مجروحًا؛ لأنَّا متى استفسرناه عن سبب الجرح فقد شككنا في علمه، فنقضنا ما بنينا عليه أمره من الرضى به والرجوع إليه[17].
عندما تتعارض أقوال أهل العلم
 في الراوي على أنه قد تتعارض أقوال أهل العلم في الراوي، فيوثقه -مثلاً- بعضهم ويجرحه آخرون، وحينئذٍ لا يخلو الأمر من حالين:
أولا: أن يمكن الجمع بين كلام الموثق وكلام الجارح في ذلك الراوي، وذلك بأن يحمل التوثيق على أمر خاص، والتجريح على أمر خاص آخر، ولذلك صور:
1- أن يكون التوثيق للراوي في روايته عن أهل بلده، والجرح له في روايته عن غير أهل بلده، وذلك مثل إسماعيل بن عياش الحمصي؛ فإنه إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد، وإذا حدث عن غيرهم فحديث مضطرب.
2- أن يكون التوثيق للراوي في وقت من عمره، والتجريح في وقت آخر من عمره، وذلك في حق الرواة المختلطين، فيؤخذ من حديث هؤلاء ما روي عنهم قبل أن يختلطوا، ويضعف من حديثهم ما روي عنهم بعد الاختلاط.
ومن أمثلة هذا النوع عطاء بن السائب، وسعيد بن أبي عروبة، وصالح بن نبهان مولى التوأمة، هذا فيما إذا استمر المختلط في التحديث بعد اختلاطه، فأما إن توقف عن التحديث أو حجب عنه الناس - كما في شأن جرير بن حازم وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي - فإن حديثه مقبول ولا يضره اختلاطه.
3- أن يكون التوثيق للراوي في روايته عن بعض شيوخه، والجرح في روايته عن شيوخ معينين. ومثال ذلك حماد بن سلمة؛ فإنه ثقة، وخاصة في روايته عن ثابت البناني، ولكن روايته عن قيس بن سعد لا يحتج بها، قال الإمام أحمد: ضاع كتابه عنه، فكان يحدث من حفظه فيخطئ. ومثل هشام بن حسان الأزدي؛ فإنه ثقة مشهور، لكن تُكُلِّم في روايته عن بعض شيوخه، قال يحيى بن معين: يُتَّقَى من حديثه عن عكرمة، وعن عطاء وعن الحسن البصري.
ثانيًا: أن يتعذر الجمع بين الجرح والتعديل، وهنا يقدم الجرح على التعديل؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر له من حال ذلك الراوي، والجارح يخبر عن باطن خفي عن المعدِّل، فمعه زيادة علم، فيُقدَّم قوله، ولكنَّ ذلك بشروطٍ ثلاثة:
1- أن يكون الجرح مفسَّرًا.
2- أن لا يكون الجارح متعصبًا على المجروح أو متعنتًا في جرحه.
3- أن لا يبين المعدل أن الجرح قد انتفى عن ذلك الراوي بدليل صحيح، وذلك مثل أن يجرحه الجارح بأمر مفسق فيبين المعدل أنه قد تاب من ذلك العمل.
ألفاظ الجرح والتعديل
وبقي إذن أن نعلم أن علماء الحديث اصطلحوا على ألفاظ معينة يصفون بها الرواة؛ ليميزوا بها بين مراتب أحاديثهم من حيث القبول والرد، وهذه الألفاظ كما يلي:
أولا: ألفاظ التعديل والتوثيق
1- أعلاها وصف الراوي بما يدل على المبالغة في التوثيق، وأصرح ذلك التعبير بأفعل، كأوثق الناس، أو أثبت الناس، أو إليه المنتهى في التثبت.
2- ثم ما كررت فيه صفة التوثيق لفظًا، كثقة ثقة، أو معنًى، كثقة حافظ، وثبت حجة، وثقة متقن.
3- ثم ما انفرد فيه لفظ التوثيق، كثقة، أو ثبت، أو إمام، أو حجة. أو تعدد ولكن بمعنى المفرد، مثل: عدل حافظ، أو عدل ضابط.
4- ثم ما قالوا فيه: لا بأس به، أو ليس به بأس - عند غير ابن معين - أو صدوق، أو خيار، وأما ابن معين فإنه قال: إذا قلت لك: ليس به بأس فهو ثقة.
5- ثم ما قالوا فيه: محلُّه الصدق، أو إلى الصدق ما هو، أو شيخ، أو مقارب الحديث، أو صدوق له أوهام، أو صدوق يهم، أو صدوق إن شاء الله، أو أرجو أنه لا بأس به، أو ما أعلم به بأسًا، أو صويلح، أو صالح الحديث.
حكم هذه المراتب:
مَن قيل فيه من الرواة لفظ من ألفاظ المراتب الثلاث الأولى، فحديثه صحيح، وبعضه أصح من بعض، وأما أهل المرتبة الرابعة فحديثهم حسن، وأما أهل المرتبة الخامسة فلا يُحتَج بحديثهم، بل يُكتَب حديثهم للاعتبار، فإن وافقهم غيرهم قُبِلَ، وإلا رُدَّ.
ثانيًا: ألفاظ الجرح
وهي على مراتب أيضًا:
1- فشرُّها الوصف بما دل على المبالغة في الجرح، وأصرح ذلك التعبير بأفعل، كقولهم: أكذب الناس، أو إليه المنتهى في الكذب، أو هو ركن الكذب.
2- ودونها ما قيل فيه: وضَّاع، أو كذَّاب، أو يضع الحديث، أو يختلق الحديث، أو "لا شيء" عند الشافعي.
3- ودونها ما قيل فيه: متهم بالكذب، أو بالوضع، أو يسرق الحديث، أو ساقط، أو هالك، أو ذاهب الحديث، أو متروك الحديث، أو تركوه، أو فيه نظر، أو سكتوا عنه (عند البخاري في اللفظتين الأخيرتين فقط)، أو ليس بثقة.
4- ودونها ما قيل فيه: ردُّوا حديثه، أو ضعيف جدًّا، أو واه بمرة، أو تالف، أو لا تحل الرواية عنه، أو لا شيء، أو ليس بشيء عند غير الشافعي، أو منكر الحديث عند البخاري.
5- ودونها ما قيل فيه: ضعيف، أو ضعفوه، أو منكر الحديث عند غير البخاري، أو مضطرب الحديث، أو لا يحتج به، أو واه.
6- ودونها ما قيل فيه: فيه مقال، أو فيه ضعف، أو ليس بذلك، أو ليس بالقوي، أو ليس بحجة، أو ليس بالمتين، أو سيئ الحفظ، أو لين، أو تعرف وتنكر، أو ليس بالحافظ.
حكم هذه المراتب:
الحكم في المراتب الأربع الأولى أنه لا يُحتَج بواحد من أهلها، ولا يُستشهد به، ولا يُعتبر به؛ فأهل المرتبة الأولى والثانية حديثهم موضوع، وأهل الثالثة حديثهم متروك، وأهل الرابعة حديثهم ضعيف جدًّا.
وأما أهل المرتبة الخامسة والسادسة فيُكتَب حديثهم للاعتبار، ويرتقي إلى الحسن إذا تعددت طرقه، والله أعلم[18].
إنَّ هذه التفاصيل عن علم الجرح والتعديل، وقواعده، وضوابطه؛ لَتبين -بما لا يدع مجالاً للشك- مدى الجهد الذي بذله العلماء المسلمون من أجل توثيق السُّنَّة النبوية الشريفة، وأنهم ما تركوا سبيلاً للتيقن من ضبط صحة السُّنة إلا طرقوه؛ حيث أنشئوا هذا العلم إنشاءً؛ مما جعله قصرًا على الأمة الإسلامية، فلا توجد أمة تملك هذه الدقة في النقل عن نبيها، ولا هذه التراجم الكاملة لأكثر من نصف مليون راوٍ من الرواة، ولا التفرقة الدقيقة بين كل لفظٍ وآخر في الجرح والتعديل؛ بحيث لا تُتْرك الأمور للآراء الشخصية.
فكُلٌّ من الجرح والتعديل مضبوط بقواعد صارمة تحميه من اتباع الهوى، وتحافظ على المنهج العلمي في توثيق الرواة محافظةً بالغة، وهذا دليل على دقة ومكانة علماء المسلمين الذين دفعتهم غيرتهم وحميتهم، وحرصهم على اتباع الأمة الإسلامية للسُّنَّة الصحيحة إلى ابتكار ذلك العلم والتنظير له بما ليس له في تاريخ البشرية العلمي نظير.


المراجع
[1] الشريف حاتم بن عارف العوني: خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل ص6.
[2] الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية ص38.
[3] الأبناسي: الشذا الفياح 2/740.
[4] ابن حبان: المجروحين 2/15.
[5] السخاوي: فتح المغيث  3/355.
[6] أبو الحسنات اللكنوي الهندي: الرفع والتكميل  ص67.
[7] زين الدين العراقي: التقييد والأيضًاح 1/142.
[8] الشريف حاتم بن عارف العوني: خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل ص27.
[9] الأبانسي: الشذا الفياح 1/235.
[10] أبو الحجاج المزي: تهذيب الكمال 2/382.
[11] السيوطي: تدريب الراوي 1/308.
[12] الشهرزوري: مقدمة ابن الصلاح  1/61.
[13] ابن حجر: تهذيب التهذيب 1/31.
[14] الإمام الذهبي: ميزان الاعتدال 4/8.
[15] أبو الحسنات اللكنوي: الرفع والتكميل ص117.
[16] سراج الدين الأنصاري: المقنع 1/249.
[17] الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية ص108.
[18]  إبراهيم بن علي آل كليب: مهمات علم الحديث.


الفهرس
الموضوع
الصفحة
المقدمة
1
المقصود بالجرح والتعديل
2
نشأة علم الجرح والتعديل
2
صفات وشروط الجارح والمعدِّل
3
طرق إثبات الجرح والتعديل
4
شروط قبول الجرح والتعديل
5
ألفاظ الجرح والتعديل
9
المراجع
11



[1] الشريف حاتم بن عارف العوني: خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل ص6.
[2] الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية ص38.
[3] الأبناسي: الشذا الفياح 2/740.
[4] ابن حبان: المجروحين 2/15.
[5] السخاوي: فتح المغيث  3/355.
[6] أبو الحسنات اللكنوي الهندي: الرفع والتكميل  ص67.
[7] زين الدين العراقي: التقييد والأيضًاح 1/142.
[8] الشريف حاتم بن عارف العوني: خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل ص27.
[9] الأبانسي: الشذا الفياح 1/235.
[10] أبو الحجاج المزي: تهذيب الكمال 2/382.
[11] السيوطي: تدريب الراوي 1/308.
[12] الشهرزوري: مقدمة ابن الصلاح  1/61.
[13] ابن حجر: تهذيب التهذيب 1/31.
[14] ابن حجر: تهذيب التهذيب 1/31.
[15] أبو الحسنات اللكنوي: الرفع والتكميل ص117.
[16] سراج الدين الأنصاري: المقنع 1/249.
[17] الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية ص108.
[18] إبراهيم بن علي آل كليب: مهمات علم الحديث.

شاركه على جوجل بلس

عن Unknown

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق