مما لا شك فيه أن الاتفاق النووي الذي وقع
أخيراً في جنيف، واستطاعت إيران من خلاله أن تحصل علي اعتراف الدول الكبري باعتبارها
دولة نووية، وبالتالى قوة إقليمية عظمى، يصب في صالح الأنظمة والمنظمات الحليفة لإيران
في المشرق العربي
خاصة سوريا وحزب الله إلي جانب العراق الواقع
فعلاً في براثن الحرس الثوري الإيراني، ولأن الاتفاق النووي الأخير لم يمس الجانب السياسي
في الأهداف والمخططات الإيرانية ذات الأطماع المعروفة في مد النفوذ الإيراني إلى المشرق
العربي، دون قيود ولا محاذير من تدخل أمريكي أو أوروبى، ناهيك عما يشكله هذا الاتفاق
من دعم لحلفاء إيران في سوريا ولبنان والعراق وغزة للتوغل أكثر نحو تحقيق المزيد من
الأهداف الإيرانية في هذه الدول، في إطار السياسة الإيرانية المعروفة بـ(الحرب بالوكالة).
إن تراجع أوباما عن قراره بمعاقبة نظام
بشار في سوريا على استخدامه السلاح الكيماوى ضد شعبه، وسقوط ما دأب أوباما علي تكراره
علي خطوط حمراء في سوريا، وتراجعه عن تنفيذ الضربة التي حشد لها البوارج وحاملات الطائرات
والصواريخ في البحر المتوسط، هو الذي شجع خامنئي علي توجيه حكومة روحاني علي الاستفادة
من وجود أوباما في البيت الأبيض أكبر استفادة ممكنة خلال السنوات الثلاث الباقية من
حكمه، لأن إيران لا تضمن سلوك القادم الجديد في البيت الأبيض بعد ذلك، فقد يكون جمهورياً
معادياً لإيران ومؤيداً للمطالب الإسرائيلية بضرب إيران، لذلك جاء الاتفاق الأخير الذي
تجاهلت فيه أمريكا الأهداف والأطماع الإيرانية في بلدان المشرق العربي تكريساً للنفوذ
والوجدان الإيراني في هذه البلدان، وتشجيعاً لإيران علي امتلاك مزيد من النفوذ فيها.
ففي لبنان يقبض حزب الله التابع لإيران
علي الوضع السياسي برمته، ويهمش بقوة السلاح الإيراني باقي القوي السياسية اللبنانية،
بل ويضعهم أمام خيارات صعبة، إما الطاعة أو التصفية الجسدية أو السياسية، ولا يكتفى
بذلك بل يمد نفوذه إلي سوريا بإرسال قواته لدعم نظام الأسد المتهاوي هناك أمام الثورة
الشعبية، مستهدفاً ربط مصير لبنان بمصير سوريا ليكونا معا رأس حرب النفوذ الإيراني
في المشرق العربى ضد باقي دول المنطقة. وفي هذا الصدد تحاول إيران أن تبلغ رسالة للغرب
فحواها أنها حالياً تملك اليد الطولى في ثلاث ساحات إقليمية ساخنة جداً هى (العراق
وسوريا ولبنان)، وفي ثلاث ساحات أخرى يمكن أن تسخن في أية لحظة (البحرين واليمن والسودان)،
وأنها ستكون قادرة علي التدخل إيجاباً أو سلباً فيها كلها إذا نجحت أو فشلت في عقد
صفقتها النووية النهائية مع الغرب.
وحقيقة الأمر أن الدول الغربية تدرك تماماً
أن يد إيران الطولى في هذه الساحات الست من خلال تجمعات الشيعة المتواجدة فيها والتي
تحولت إلي ميليشيات مسلحة تابعة لإيران تحركها وفق مشيئتها، أو من خلال التحالف الإيرانى
مع نظم حكم سنية تابعة للإخوان المسلمين -مثل السودان- فإن إيران من خلال تمويل هذه
الأنظمة وتسليحها، يمكنها أن تسير في الاتجاهين الحروب أو التقسيم، أو الأمن والسلام
والاستقرار. ومن هنا كسبت إيران دوراً إقليمياً لابد من توظيفه في خدمة علاقاتها مع
الدول الغربية، خاصة فيما يتعلق بالتسوية النووية النهائية، لذلك وإذا كان الاتفاق
المؤقت لم يتعرض للمشاكل الإقليمية القائمة والمتورطة فيها إيران، فمما لا شك فيه أن
الاتفاق النهائى سيشمل هذه المشاكل التي لا يمكن تجنبها أو الالتفاف حولها.
وليست إسرائيل وحدها التي تبدى قلقها من
الاتفاق النووي المؤقت الذي عقد أخيراً في جنيف، ولكن أيضاً سوريا وحزب الله والقوي
الأخرى الحليفة لإيران في المنطقة، والتي تتساءل: ما الذي يمكن أن تتبعه إيران حتي
تقنع الأمريكيين برفع العقوبات والحصار نهائياً عنها في مفاوضات الاتفاق النهائى، حيث
يخشي حلفاء إيران في المشرق العربي أن تبيعهم إيران علي طاولة التفاوض النهائى مع أمريكا
مقابل الاحتفاظ بمشروعها النووي العسكرى.
وإذا كان القلق ينتاب دول الخليج من أن
تستعجل إدارة أوباما الوصول إلي حل نهائى يطلق أيدى إيران في المنطقة وبما يزيد نفوذها
في هذه الدول، وتستعيد دور رجل الشرطة الأمريكي في المنطقة كما كان في عهد الشاه، مقابل
تجميد برنامجها النووى نهائياً إرضاء لإسرائيل، أو أن تكون نووية بضوابط قليلة، فإنه
في كلتا الحالتين قد تكون إيران ذاتها -في إطار الاتفاق النهائى- أداة أمريكا لتحقيق
مشروع الشرق الأوسط الكبير القائم علي أساس تقسيم المنطقة عرقياً وطائفياً ومذهبياً
من خلال افتعال صراعات مسلحة بين هذه الفئات جميعاً تساهم فيها إيران بجهد رئيسى بدعم
حلفائها الشيعة وغير الشيعة من المتشددين السُنَّة، ولأن إيران ستحتاج في مفاوضاتها
النهائية الي إثبات أنها جادة في التحول وأنها ستكون دولة مسئولة، فإنه لا يوجد برهان
إلا أن تتخلي عن نظام بشار الأسد وبما ينهي المأساة القائمة في سوريا، وفي المقابل
لن يستطيع أوباما أن يقنع الكونجرس الأمريكي بالتصديق علي ما سيبرمه من اتفاقات مع
إيران إلا إذا كانت تشمل ما يضمن مصلحة وأمن إسرائيل، لهذا سيحتاج أوباما من المفاوضين
الإيرانيين أن يتعهدوا بإعادة قوات حزب الله من سوريا الي لبنان ونزع سلاحه أيضا، ومن
دون مثل هذا التنازل الذي نراه شبه مستحيل لا يمكن للكونجرس أن يصادق علي مصالحة سياسية
مع إيران لذلك من الأرجح أن تتخلي إيران عن نظام الأسد، بل ستتبرع بالتخلص منه، لأنهم
يدركون أنها بضاعة منتهية الصلاحية حيث يستحيل عليه البقاء في ظل استمرار الثورة الشعبية
في سوريا وأصبحت المحافظة علي هذا النظام يشكل استنزافا مستمرا لقوات الحرس الثوري
الإيراني المتواجد جزء كبير منه في سوريا، فضلا عن استنزاف «الخزينة» الإيرانية، وتدخل
قوي إرهابية وأصولية في الصراع الدائر هناك مثل القاعدة وجبهة النصرة التابعة لجماعة
الإخوان، وقد يتمثل حل هذه المعضلة في توافق إيراني أمريكي علي تقسيم سوريا الي عدة
دويلات تكريساً للواقع الحالي، بعد أن تمكن الأكراد السوريون من إقامة حكم ذاتي لهم
في شمال سوريا، وقام العلويون أيضا بجميع قواهم في مدن الساحل «اللاذقية وطرطوس وبانياس»
استعدادا لقيام دولتهم في هذه المنطقة.. كما قد يشترط الكونجرس أيضا تجريد حزب الله
من سلاحه تأمينا لإسرائيل، واندماجه في الدولة اللبنانية سياسيا وأمنيا، خاصة أن حزب
الله الذي يمثل كيان دولة مستقلة داخل الدولة
اللبنانية، مبني علي الصراع الإيراني مع إسرائيل تحت اسم المقاومة، وفي حال انتهاء
هذا الصراع فلن تكون هناك حاجة لدولة حزب الله ولا لسلاحه، الأمر نفسه بالنسبة لنظام
بشار الأسد الملطخة أيديه بدماء السوريين والعراقيين واللبنانيين يريد الجميع - بما
فيها روسيا وإيران - التخلص منه رغم أن إيران تشكل شريان الحياة بالنسبة لهذا النظام،
وحيث يعتبر هذا النظام مجرما في نظر معظم دول العالم. لذلك لم يكن غريبا أن نسمع مؤخرا
عن مفاوضات تجريها لندن مع حزب الله بالنيابة عن واشنطن، وهو ما أدي أيضا الي تطبيع
سريع في العلاقات بين إيران وبريطانيا. كما أفادت مصادر معلوماتية بأن بريطانيا ستدعم
تفاهماً سرياً يقضي في بعض تفاصيله بسحب جميع المقاتلين المسلحين غير السوريين مرة
واحدة من سوريا ومن ضمنهم مقاتلو حزب الله ولواء أبوالفضل العباس والمنظمات المسلحة
الإسلامية المرتبطة بشكل أو بآخر بالقاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرها ومعظمها تابع
لإيران، وذلك توطئة لعقد مؤتمر جنيف، برعاية أمريكية - روسية ومشاركة إيرانية، وقد
يكون انسحاب حزب الله من سوريا مقابل رفع اسم حزب الله من قائمة المنظمات الإرهابية
باعتباره حركة مقاومة مشروعة والتمهيد لانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا في لبنان في المستقبل
القريب، وبما يؤدي في النهاية الي تفكيك الجناح العسكري لحزب الله واندماج الحزب في
الحياة السياسية اللبنانية دون قاعدة عسكرية، وقد أكدت صحيفة «وورلد تريبيون» الأمريكية
هذه الاتصالات بين الإدارة الأمريكية وحزب الله من خلال بريطانيا وبمباركة إيرانية
وهو الأمر الذي أثار ذعرا في أوساط حزب الله انعكس في تصريحات بعض أقطابه الرافضين
التخلي عن أسلحتهم.
أما في العراق فيبدو أن الصفقة القادمة
بين إيران والولايات المتحدة ستكون أسهل حيث سيتفق الطرفان علي التعاون من أجل إنهاء
دور القاعدة هناك، حيث تتسبب العربات المفخخة التي تنشرها القاعدة في سقوط عشرات الضحايا
يوميا، كما يتوقع أن تتضمن الصفقة أيضا تكريس التقسيم الفيدرالي القائم فعليا في العراق..
حيث الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق، وهيمنة إيران علي المدن الشيعية في جنوب العراق،
وترك منطقة وسط وغرب العراق - باستثناء بغداد - تحت نفود قوي سنية معتدلة، كما يجب
ألا نتجاهل حقيقة اقتصادية مهمة وهي أن تقديرات خبراء النفط تشير الي نضوب المخزون
النفطي في إيران ويقدرون لذلك 15 عاما، وهو ما يفسر التنقيب عن النفط في مياه الخليج
وزيادة صادرات الغاز مقابل تناقص صادرات النفط، وبالتالي اعتماد إيران علي نفط جنوب
العراق في تمويل مشروعات إيران التوسعية في المنطقة. ومن هنا تجيء زيارة رئيس الوزراء
العراقي «المالكي» لطهران للتعاون من أجل تحقيق هذا المخطط وهو ما يصب في مصلحة كل
من أمريكا الساعية لتقسيم منطقة الشرق الأوسط عرقيا وطائفيا، وأيضا مصلحة إيران ببسط
هيمنتها علي مدن جنوب العراق المتركز بها جماهير الشيعة العراقيون، وإن كان من المتوقع
أن ترفض هذه الجماهير خضوعهم لملالي إيران رغم توجدهم العقائدي، والإصرار علي تبعية
الشيعة العراقيين للمرجع الديني العراقي آية الله سيستاني وذلك تمسكا بالهوية العربية
للشيعة العراقيين ورفض إذابتهم في العرقية الفارسية.
رؤية تحليلية
يعتبر التحليل الذي أورده مدير الاستخبارات
المركزية الأمريكية الأسبق الجنرال مايكل هايدن في مقابلة مع شبكة «فوكس» الأمريكية
أبلغ ما وصف الدوافع الأمريكية وراء إنجاز الاتفاق النووي المؤقت مع إيران، فقد وصف
«هايدن» الرئيس الإيراني ووزير خارجيته بأنهما ربما لن يكونا معتدلين، ولكنهما أفضل
المتحاورين اليوم في إيران، ثم أضاف موضحا: «لم يكن أمامنا الكثير من الخيارات الجيدة»،
كما اعتبر أن الخطوط الحمراء التي كانت تتمسك بها إدارة أوباما - سواء مع إيران أو
من قبل ذلك مع سوريا - لم يعد لها وجود، وأن هذا الاتفاق غير الخطوط الحمراء، ثم قال:
«لقد ضغطنا علي زر إيقاف البرنامج النووي، وعلينا الآن أن نفاوض من أجل الضغط علي زر
الإلغاء». أما چون كيري فقد أكد هذا المفهوم بقوله: «لا يمكنك الحصول علي كل شيء..
ولكن علينا الاستمرار في العملية للوصول الي كل ما نريده، وإجبار إيران علي التراجع
عما تتمسك به اليوم»، وحقيقة الأمر في كلام «هايدن» أنه
بالفعل ليس غريبا أن يتفق الغرب مع إيران
حول برنامجها النووي بدفع أمريكي شديد، بعد عقد شائك من المساومات والعقوبات والتكهنات..
فالطرفان وصلا الي حالة العجز عن إحداث اختراق كبير، فلم تعد المخابرات الأمريكية ولا
الإسرائيلية قادرة علي متابعة البرنامج النووي الإيراني بكفاءة ولا القوات المسلحة
قادرة علي حسم المواقف في المكان والزمان المطلوبين بسبب توقعات خسائر كبيرة في الجانبين
الأمريكي والإسرائيلي في حالة قرار بتوجيه ضربة جوية وصاروخية ضد إيران، وحتي مع تنفيذ
مثل هذه الضربة فإنها لن تنجح في تأخير البرنامج النووي الإيراني سوي شهرين فقط، هذا
الي جانب الشلل الذي أصاب مجلس الأمن بسبب الڤيتو الروسي.
أما علي الجانب الإيراني فقد أتعبت العقوبات
الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام بما يفوق القدرة علي مواصلة التحدي العلمي النووي،
والذي قد يؤدي الي تصعيد خطير في العقوبات إذا ما وصل الي القدرة علي إجراء تجربة نووية.
فبعد 38 عاما من مشوار التوجه النووي الإيراني اكتسب العملاء والمهندسون والخبراء والفنيون
والمتدربون والعمال الإيرانيون المهرة خبرات وكفاءات عالية لم يعد ممكنا تجاهلها، وتمكنت
أجهزة الأمن والمخابرات الإيرانية من سد جميع الثغرات في وجه معظم عمليات الاختراق
البشرية والتكنولوجية، كما توصلت جهات توريد الاحتياجات الي الطرق التي تؤمن لها الإمدادات
اللازمة، إلا أن كل هذه النقاط الإيجابية لا يمكن من خلالها أو عبر غيرها من الإجراءات
مواجهة تفاقم أثر عقوبات إضافية كان الكونجرس والاتحاد الأوروبي مقدمون عليها، لذلك
كان لابد من مناورة استراتيجية وسياسية مختلفة عن حالة الشد المعتادة سابقا تضمن شكلا
من التوازن الدقيق الذي يضع إيران في موقف أفضل بأقل خسائر مالية وفنية، والحقيقة التي
لا شك فيها أن الولايات المتحدة فشلت في كل سياساتها الإيرانية منذ سقوط الشاه وحتي
العقوبات ذلك أن التدرج البطيء فيها ساعد إيران علي امتصاص تأثيراتها الحادة واحتواء
أي اضطرابات قد تنتج بسببها، كما لم تؤثر هذه العقوبات حتي اليوم علي مستوي الدعم الإيراني
لحلفائها في مناطق التوتر في الشرق الأوسط، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق أو غزة
واليمن وحتي أفغانستان..مما يدل علي كفاءة في إدارة الاقتصاد الإيراني مع إصرار علي
تحقيق الأهداف الاستراتيجية سواء في البرنامج النووي أو التمدد في بلدان المنطقة، ناهيك
عن أن الجانب العربي ترك الملف الإيراني بكل قضاياه في ذمة الإدارة الأمريكية، وبقيت
خياراته مكبلة بقيود كلاسيكية ومن جملة هذه التفاعلات ولد الاتفاق النووي المؤقت في
چنيف أخيرا.
ومن مكاسب هذا الاتفاق علي الجانب الاستخباراتي،
أنه بلا شك سيؤمن للغرب وإسرائيل معلومات دقيقة، وإن لم تكن كاملة لما قد تمارسه إيران
من لعبة القط والفأر مع فرق تفتيش الوكالة الدولية للطاقة لإضفاء جوانب حيوية من برنامجها
النووي، ولكن الزيارات المستمرة والمفاجئة لهذه الفرق والمفترض إجراؤها دون قيود ستمكن
أجهزة المخابرات الأمريكية من وضع يدها علي حقيقة جوهر البرنامج الإيراني وتقييد توسعة
أفضل مما هو الوضع الضبابي القائم اليوم حول هذا البرنامج.. إلا أن هذا لا يشكل اختراقا
لمصلحة الغرب لأن إيران اكتسبت بموجب هذا الاتفاق شرعية التحرك تحت ضوء الشمس، أما
الجانب التسليحي الخاص بصنع سلاح نووي فسيظل قابلا للتطبيق في الزمن الذي تتخذ فيه
القيادة الإيرانية القرار بذلك، طالما امتلكت إيران المعرفة النووية ولديها الإمكانات
التقنية والمادية لتنفيذ ذلك، لاسيما إذا كان خيارها الاستراتيجي سيكون مثل الخيار
الإسرائيلي، وهو الردع النووي بالشك، خاصة مع إتاحة المزيد من الموارد المالية نتيجة
رفع العقوبات جزئيا أو كليا، وأيضا مع زيادة أفق الانفتاح الخارجي لإيران، ومع أن الغرب
سيحرص علي التوثق من ابتعاد إيران عن الشق التسليحي في برنامجها النووي، إلا أن التجارب
السابقة مع كل من الهند وباكستان وكوريا الشمالية تأكد أن الغرب لم ينجح في ذلك وأمكن
لهذه الدول أن تحقق أهدافها وتجري تجارب نووية بل وتم تملك ترسانات نووية رغم العقوبات
الأمريكية والأممية.
ومع التسليم بأن العملية التفاوضية حول
الاتفاق النهائي ستكون صعبة ومعقدة ومتقلبة تارة إيجابا وتارة سلبا، ولكنها في نهاية
المطاف ستستمر وذلك بسبب بسيط وهو أن إيران متمسكة بالبقاء علي طاولة المفاوضات مهما
واجهت من عقبات، ذلك أن تلك الطاولة هي وسيلتها الوحيدة لتخفيف ورفع العقوبات وهذا
ما يشكل في الواقع أساس الاستراتيجية الإيرانية، فالطاولة هي السجادة التي يحسن الإيرانيون
حياكتها بصبر وفن المفاوضات، وهذا واقع جديد مستمر لزمن طويل مهما حدث من تصدع هنا
أو تراجع هناك، كما أن طهران تدرك أيضا أن طاولة المفاوضات هي أيضا سجن الدول الغربية
وعلي رأسها الولايات المتحدة حيث لم يعد لديهم خيارات أخري، كما قال «هايدن» سوي الاستمرار
مع التفاوض مع إيران يؤكد هذا الاستنتاج تراجع إدارة أوباما عن خطوطها الحمراء في إلغاء
البرنامج النووي الإيراني، وتراجعها عن إسقاط النظام الديني الحاكم في إيران وتراجعها
عن ضرب سوريا ودخول أوباما طرفا في تحالف الأمر الواقع وروسيا ضد الطرف السني في المنطقة،
واتجاه إدارة أوباما لاعتماد الشراكة مع إيران في الحرب ضد القاعدة بالتفاهم مع روسيا
والصين، هذا الي جانب تواجد إيران في كثير من المعادلات بما فيها المعركة علي النفوذ
في دول آسيا الوسطي بين أمريكا وروسيا، وما انعكس في تصريح وزير الخارجية الروسي «لافروف»
الذي قال فيه إن الاتفاق النووي مع إيران يلغي حاجة حلف الناتو لمشاريع الصواريخ الباليستية
والدرع المضاد للصواريخ في أوروبا، وذلك بانتفاء التهديد الصاروخي الإيراني ضد دول
أوروبا.
أما علي صعيد المشاكل الإقليمية ورغم حرص
الإدارة الأمريكية علي طمأنة أصدقائها في الخليج وإسرائيل فإن الاتفاق النووي الأخير
حمل رسالة الي الجهتين فحواها أن المصلحة الأمريكية لم تعد تعتمد حصرا النفط العربي،
وإسرائيل أساسا لتحالفاتها في الشرق الأوسط، وأن أمريكا لن تحارب نيابة عن أي جهة،
وعلي كل من يريد أن يخوض حربا أن يخوضها بجنوده وأسلحته وليس عبر القوات الأمريكية
وأن استيراد الأمن لم يعد صالحا، وعلي كل جهة أن تدبر متطلبات أمنها بنفسها وتعتمد
علي نفسها فقط في ذلك، وهذا في حد ذاته مفيد بالنسبة للدول العربية لجهة نضوج خروجها
من الاعتداء علي الولايات المتحدة في توفير مظلة أمنية لها، أما من ناحية العلاقات
الأمريكية مع إسرائيل، فإن الرسالة الأمريكية واضحة في أن العلاقة العضوية باقية إذا
تعلق الأمر بالأمن الإسرائيلي في حالة عدوان خارجي عليها فقط، لكن علاقة «الأمن المدلل»
فإنها يجب أن تنتهي بمعني أن علي إسرائيل ألا تغامر بشن ضربات استباقية ضد دول أخري
ثم يطلب من أمريكا التدخل لمساعدتها أو نجدتها فهذا زمن انتهي أوانه في نظرة إدارة
أوباما الحالية، وما يراهن عليه أوباما في ذلك هو دعم الشعب الأمريكي لرسائله هذه الموجهة
الي العواصم الخليجية وإسرائيل، وأنه - أي أوباما - رئيس اللاحرب تلبية لرغبات الشعب
الأمريكي، لاسيما أن هذا الشعب لا يكترث بما يحدث في الشرق الأوسط خاصة أنه بات جاهزا
للاستغلال نفطيا، كما لا يبالي هذا الشعب بمن يدفع كلفة مكافحة الإرهاب والتطرف طالما
هي بعيدة عن الأراضي الأمريكية وهذا بالضبط ما يدفع أوباما لاستمرار التفاوض مع إيران
باعتبارها أكبر دولة راعية للإرهاب حتي تتخلي عن هذه الرعاية.
ومن المؤكد أن سياسة كل من أوباما وروحاني
في الرهان علي نجاح مفاوضات المرحلة النهائية بعد ستة أشهر في تحقيق أهداف إيران وأمريكا
معا، إنما تنطوي علي مقامرة من الجانبين وثمن هذه المقامرة سيكون مرتفعا في حالتي النجاح
أو الفشل خاصة بالنسبة لأوباما الذي سيترك البيت الأبيض بعد ثلاث سنوات، فمؤيدو الاتفاق
في واشنطن والدول الغربية يرون أن هذا الاتفاق سيفتح الباب أمام شرق أوسط جديد أكثر
استقرارا ولابد أنه سينعكس علي سياسات طهران الإقليمية لتكون أكثر اعتدالا ومعقولية،
وتكف عن تهديد أمن واستقرار دول المنطقة، وبما يسمح بحل مشاكل المنطقة وأخطرها الصراع
العربي - الإسرائيلي المزمن، أما المتشككون والناقدون للاتفاق - خاصة في الكونجرس فإنهم
يرون عكس ذلك وأن سياسة أوباما فيها قدر كبير
من السذاجة، وأن الحل ليس في مكافأة إيران وبتخفيف العقوبات عليها، أو السماح لشراء
مزيد من الوقت ولكن بمزيد من الضغط، كما أنه حتي لو كانت نوايا الرئيس الإيراني روحاني
طيبة فإن المتشددين في النظام الإيراني لن يسمحوا بتكملة المشوار لأن اتفاقا نهائيا
سيعرض نفوذهم، وسيطرتهم للخطر ومما لا شك فيه أن هناك مقامرة وهي في الأساس تدور حول
الداخل الإيراني والطبقة الوسطي هناك وهي ليست مقامرة فقط ولكن أيضا مقامرة روحاني، ذلك أن جناح المتشددين
الذي لا يزال يصر علي ترديد شعارات «الموت لأمريكا» في المسيرات العامة يترقب لحظة
فشل المفاوضات أو أي إشارة من المرشد «خامنئي» لكن هناك ما يلجم هذا الجناح حتي الآن،
وهو الوضع الاقتصادي والاجتماعي السيئ في إيران نتيجة العقوبات التي كثيرا ما يذكر
بها روحاني الإيرانيين بعد أن تجاوز الانكماش الاقتصادي نسبة 5٪ في العام الماضي وأدي
الي خلق حالة ركود تضخمي وتراجع العملية الإيرانية بنسبة 80٪ خلال عام، ولذلك فإن جل
الرهان الغربي في الصفقة الأخيرة هو المساعدة علي خلق رأي عام داخل إيران مساند للمسار
التفاوضي وبما يؤدي لاتفاق نهائي نووي من خلال الحوافز الاقتصادية.
وإذا كانت إيران تراهن علي خلفية قواها
الذاتية وإدراك معطيات الضعف العربي، والقبول الدولي بإيران نووية فإن ذلك يجري وفق
معادلة مزدوجة تتمثل في إدامة الإرباك في دول الجوار سواء بهدوء أو بصخب أو بالأمرين
معا، مع المضي في الانفتاح علي الغرب وبما يحصن سياستها الإقليمية فإن الواجب علي الدول
العربية اتخاذ الحذر الواجب تجاه إيران لكونها تريد أن تبقي في حالة الجار اللدود للدول
العربية، ولا بديل أمامها سوي مواصلة المواجهة المباشرة بما يحفظ متطلبات الأمن القومي
الخليجي، وذلك علي النحو الذي جري منذ عامين بسرعة الدفع بقوات «درع الجزيرة» الي البحرين
لدعمها في مواجهة تهديد وجودي لدولة البحرين بسبب التهديدات الإيرانية المستمرة لها،
وأن تستخدم الدول الخليجية مواردها الجيوبوليتيكية لدعم قدراتها الدفاعية الذاتية،
وذلك بالتعاون مع مصر، وتعزيز ذلك التعاون والذي بالضرورة في حالة نجاحه سيجذب دولا
أخري عربية وذلك في إطار منظومة أمن قومي عربي مشترك يمكن أن تشكل رادعا قويا في مواجهة
الأطماع الإيرانية ويجبر ملالي طهران علي احترام الدول العربية وعمل ألف حساب لها.
يران التاريخية والمعاصرة تعاني من معضلة
إستراتيجية، تنعكس على سياساتها تجاه الجوار العربي
عبر تاريخها البعيد والقريب، كانت بلاد
فارس في حالة تدافع دائم مع الساحل الغربي المقابل، ومن خلال فحص العلاقات العربية
الإيرانية، يلاحظ أن إيران التاريخية والمعاصرة تعاني من معضلة إستراتيجية، تنعكس على
سياساتها تجاه الجوار العربي، وتتمثل هذه المعضلة الإستراتيجية في ثلاث نقاط:
أولاً: الإحساس بالتفوق العسكري على الجوار العربي.
ثانياً: الإحساس بالعزلة الثقافية عن الجوار
العربي بفعل اختلاف اللغة والدين (التشيُّع).
ثالثاً: الإحساس بالكراهية وعقدة المخالفة
للعرب بالذات، وتنعكس هذه الكراهية بل والاحتقار في كتاب «الشاهنامه» للفردوسي (أبو
القومية الفارسية).
فالتفوق العسكري على الجوار العربي أدى
بالسياسة الإيرانية - التاريخية والمعاصرة - إلى نزعة التوسُّع والاحتلال، فإيران تحتل
حالياً إقليم «الأحواز» العربي منذ عام 1924م، وهو إقليم يتركز فيه عرب إيران الذين
يتحدثون اللغة العربية، ويبلغ عددهم حوالي 8 ملايين نسمة، علماً بأن مساحة الأحواز
كإقليم 324 ألف كيلومتر مربع (يعادل 16 ضعفاً لفلسطين؛ لأن الأخيرة مساحتها 20 ألف
كيلومتر مربع؛ يعني إيران تحتل أراضي عربية أكثر بكثير مما تحتله «إسرائيل»)، كما أن
إيران تحتل جزر الإمارات العربية المتحدة (أبو موسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى) منذ عام
1975م، هذه النزعة في التوسع والاحتلال للأراضي العربية إنما هي نتيجة طبيعية لإحساس
إيران بالتفوق العسكري على الجوار العربي.
والعزلة الثقافية التي تشعر بها إيران إزاء
جوارها العربي بفعل اختلاف اللغة والدين، يتفرع عنها العديد من المعيقات والمعضلات
التي تُسهم في توتير العلاقات بين إيران وجوارها، هذا الاختلاف في اللغة والدين صار
يُشكِّل حاضنة عفوية لجهل الجوار العربي؛ لغةً وديناً، كما أنه بات حاضنة لبروز «القومية
الفارسية» كهوية ثقافية وكنهج سياسي وإستراتيجي، وبروز «التشيُّع الصفوي» كمعتقد يناقض
كُنه «التوحيد الإسلامي» ويعمل على هدمه، ومن يراجع ويتنفّس فضاءات فردوسي في «الشاهنامه»
لا يستطيع أن يخطئ الكراهية المَرَضية pathological hate
التي يحملها فردوسي الأب الروحي للقومية الفارسية (الشعوبية) للعرب،
بل حتى اللغة العربية وعشقه لكل ما هو فارسي والإيغال في ذلك.
هذه المعضلة الإستراتيجية التي تعاني منها
إيران (التفوق العسكري، والعزلة الثقافية، والكراهية التاريخية) هي نفسها التي تعاني
منها «إسرائيل»، فإحساس وإدراك «إسرائيل» بأنها تتفوق عسكرياً على جوارها العربي حرّضها
على التوسُّع والاحتلال والإفراط في استعمال القوة حتى مع العربي المنزوع السلاح، طالباً
كان أم مزارعاً أم راعياً للغنم أم أماً ترضع طفلها.
هذا التشابه بين إيران و«إسرائيل» (تفوق
عسكري، وعزلة ثقافية، وكراهية تاريخية) يرشح الطرفين للقاء إستراتيجي ضد العدو المشترك
(العرب)، وهو ما تعمل على تحقيقه - على نار هادئة للغاية - الولايات المتحدة صاحبة
المصالح الحيوية الجسيمة في المنطقة، وهذا ما طرحه «تريتا بارسي» TritaParsi، رجل الأعمال الإيراني حامل
الجنسية الأمريكية في كتابه «التحالف الخفيّ» (The
Treacherous Alliance)، وقد طبعته جامعة «ييل»
Yale ذائعة الصيت،
هذا الكتاب الضخم (361 صفحة) عبارة عن خلاصة 130 مقابلة بين «بارسي» (المؤلف) ومجموعة
من المسؤولين في الدول الثلاث: الولايات المتحدة، وإيران، و«إسرائيل»، الفكرة المحورية
في الكتاب هي أن الجمهورية الإيرانية منذ عام 1979م أخضعت «الأيديولوجيا» للمصالح القومية
الإيرانية، ورغم الشعارات العقائدية التي رفعتها الثورة الإيرانية والخطاب الشيعي المتشنج
الذي تبثه الجمهورية الإيرانية، يؤكد «بارسي» بناء على لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين
أن الهدف الإستراتيجي للجمهورية هو تحقيق المصالح القومية الفارسية العاجلة بغض النظر
عن الإعلانات العقائدية للخطاب الرسمي.
استخدام التشيُّع في السياسة:
نحن نعلم أن استخدام التشيُّع في السياسة
الخارجية الإيرانية قديم، يعود إلى الدولة الصفوية عام 1501م، لكن نلاحظ أنه بعد سقوط
بغداد عام 2003م دخل التشيُّع في عملية إنتاج للسلطة السياسية في العراق، وهذه نقلة
تاريخية خطيرة ما كان من الممكن أن تحدث لولا رعاية إيران لها، اللافت في هذا الأمر
أن توظيف الشيعة والتشيُّع بشكل فاقع كما حصل ويحصل في مصر والبحرين والمملكة العربية
السعودية واليمن كمثال يتحرك أيضاً نحو الصين شرقاً والمحيط الهندي جنوباً والخليج
العربي غرباً والقوقاز والبحر المتوسط شمالاً، في هذه «الحوزة» الجغرافية سنلاحظ أن
الثقافة الفارسية تحظى بأهمية خاصة، لكن إخضاع الشيعة والتشيُّع لأهداف إيران الجيوستراتيجية
من شأنه في نهاية المطاف أن يضر بمصلحة الشيعة، خصوصاً على المدى البعيد، لذلك لا يتردد
صبحي الطُّفيلي، الأمين العام السابق لـ«حزب الله» الشيعي أن يقول: إن إيران - في نهاية
المطاف - تشكل خطراً على الشيعة والتشيُّع مستقبلاً (مقابلة مع الطفيلي في جريدة «الشرق
الأوسط» اللبنانية الصادرة 7/2/2004م).
أن يصدر كلام من هذا العيار ومن شخص بهذا
الوزن - شيعياً - لا شك أنه يعكس حالة من القلق داخل الطائفة إزاء هذا التوظيف السياسي
الإيراني للشيعة والتشيُّع؛ لتحقيق أهداف جيوستراتيجية لإيران في المنطقة والعالم ليس
بالضرورة تكون لصالح الطائفة على المدى البعيد، إذ من المعلوم ألا يكون النظام الإيراني
الحالي دائم الوجود قياساً بديمومة واستمرارية الطائفة، ومن المحتمل في عالم السياسة
أن يسقط أي نظام سياسي وتسقط معه كل المرئيات الجيوستراتيجية التي رافقت وجوده (كما
حصل في العديد من البلدان مثل الاتحاد السوفييتي الذي انهار عام 1992م وتحول إلى
25 جمهورية)، فماذا ستفعل الطائفة حال سقوط النظام الحالي في إيران الذي ربط الطائفة
ربطاً وثيقاً بمرئياته الجيوستراتيجية، وما يتفرع عنها من مؤسسات وآليات عمل وقيادة
وسيطرة إيرانية مباشرة؟ أحسب أن فوضى مدمّرة ستشيع داخل الطائفة، وأحسب أن هذا ما كان
يقصده الطفيلي عندما أكد أن إيران تشكِّل خطراً مباشراً على مستقبل الشيعة في المنطقة.
خديعة إيران
في الجوهر، وخاصة في مجال السياسة الخارجية،
لا فرق بين «دولة الشاه» و«دولة خميني»، الإستراتيجية واحدة: قومية فارسية، توسُّع،
هيمنة، فرق واحد فقط هو أن «خميني» أضاف العامل الأيديولوجي الطائفي الشيعي إلى الإستراتيجية
الإيرانية، فأمدّها بزخم معنوي لن يلبث طويلاً من جهة تاريخية، سيخبو قريباً، فلا إيران
تطيق ذلك، ولا الطائفة تتحمل ذلك، خاصة كونها أقلية في بحر سُني متلاطم حولها.
وبالرغم من الخطاب الإعلامي المتشنج ضد
الولايات المتحدة و«إسرائيل» منذ عام 1979م، فإن المتتبّع للاتصالات الإيرانية في ظل
النظام الجديد إثر الثورة مع الولايات المتحدة و«إسرائيل» يتوصل إلى محاصيل سياسية
تفيد بأن إيران حريصة على العلاقة بالطرفين.
ولعل المقترح الإيراني الشامل (The Grand Deal) الذي طرحه الإيرانيون عشية
الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م يكشف حقيقة الموقف الإيراني من الولايات المتحدة
و«إسرائيل»، يقول المقترح: إن الصفقة التي نعرض تتضمن البنود التالية:
أولاً: تعترف إيران أن «أسلحة الدمار الشامل»
و«مسألة الإرهاب» قضيتان مهمتان بالنسبة لها، وأنها على استعداد للتفاوض عليها.
ثانياً: تعمل إيران على وقف دعم «حماس»
و«الجهاد الإسلامي» في صراعهما مع «إسرائيل»، والضغط على المجموعتين لكي توقفا هجماتهما
على «إسرائيل».
ثالثاً: دعم إيران لعملية نزع سلاح «حزب
الله» وتحويله إلى حزب سياسي.
رابعاً: فتح البرنامج النووي الإيراني بالكامل
أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيدة؛ من أجل إزالة أي مخاوف من برنامج التسلح الإيراني.
خامساً: لا مانع لدى إيران من التوقيع على
البروتوكول الإضافي بمعاهدة عدم الانتشار (NPT)،
وأن إيران مستعدة للمشاركة الكثيفة في البرنامج كضمانة إضافية في موضوع الإرهاب.
سادساً: تتعاون إيران بصورة كاملة لمواجهة
كافة المنظمات الإرهابية وأهمها «القاعدة».
سابعاً: اعتراف إيران رسمياً بالحل القائم
على دولتين؛ فلسطينية و«إسرائيلية».
ثامناً: تعمل إيران بنشاط مع الولايات المتحدة
على دعم الاستقرار السياسي، وإقامة مؤسسات ديمقراطية، وتشكيل حكومة غير دينية في العراق.
مقابل ذلك؛ تطلب إيران من الولايات المتحدة
و«إسرائيل» أن تعترفا بشرعية النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، (والنفوذ يعني ممارسة
كل أشكال السياسات التي تحقق أهداف إيران في المنطقة، وفق قاعدة التوافق مع الولايات
المتحدة)، ولكن عندما عرضت إيران المقترح على الولايات المتحدة أدركت الأخيرة أن إيران
متهافتة على التفاهم، وبسرعة فتثاقلت إدارة «بوش» الابن على قبولها، خاصة بند «الاعتراف
بشرعية النفوذ الإيراني»؛ لما يترتب عليه من التزامات أمريكية تجاه إيران، لكن الصفقة
الشاملة كشفت إيران، وأصبح الأمريكيون يتعاملون معها على ضوء ما كشفت، واطمأنت «إسرائيل»
أن خط التفاهم مع إيران بات مفتوحاً على مصراعيه؛ لذلك لا تبدي قلقاً من الوجود العسكري
الإيراني الحالي في سورية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق